الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **
ولما افتتح نعيم الري أمره عمر أن يبعث سماك بن خرشة الأنصاري إلى أذربيجان ممدا لبكر بن عبد الله. وكان بكر بن عبد الله عند ما سار إلى أذربيجان لقي بالجبال اسفنديار بن قرخزاد مهزوماً من واقعة نعيم معهم أبو حرود دون همذان وهو أخو رستم فهزمه بكير وأسره. فقال له اسكني عندك فاصالح لك على البلاد وإلا فروا إلى الجبال وتركوها. وتحصن من تحصن إلى يوم ما فأمسكه وسارت البلاد صلحاً إلا الحصون. وقدم عليه سماك وهو في مثل ذلك وقد افتتح ما يليه وافتتح عتبة بن فرقد ما يليه. وكتب بكير إلى عمر يستأذنه في التقدم فأذن له أن يتقدم نحو الباب وأن يستخلف على ما افتتح فاستخلف عتبة بن فرقد وجمع له عمر أذربيجان كلها. فولى عتبة سماك بن خرشة على ما افتتحه بكير. وكان بهرام بن الفرخزاد قصد طريق عتبة وأقام به في عسكره مقتصداً بل معترضاً له. فلقيه عتبة وهزمه وبلغ خبره إلى الإسفنديار وهو أسير عند بكير فصالحه واتبعه أهل أذربيجان كلهم. وكتب بكير وعتبة بذلك إلى عمر وبعثوا بالأخماس فكتب عمر لأهل أذربيجان كتاب الصلح. ثم غزا عتبة بن فرقد شهرزور والصامغان ففتحهما بعد قتال على الجزية والخراج وقتل خلقا من الأكراد وكتب إلى عمر إن فتوحي بلغت أذربيجان فولاه إياها وولى هرثمة بن عرفجة الموصل. فتح الموصل - الباب ولما افتتح أمر عمر بكير بن عبد الله بغزو الباب والتقدم إليها بعث سراقة بن عمرو على حربها فسار من البصرة وجعل على مقدمته عبد الرحمن بن ربيعة وعلى إحدى مجنبتيه ابن أسيد الغفاري وعلى الأخرى بكير بن عبد الله المتقدم. وعلى المقاسم سلمان بن ربيعة الباهلي ورد أبا موسى الأشعري إلى البصرة مكان سراقة. ثم أمد سراقة بحبيب بن مسلمة من الجزيرة وجعل مكانه زياد بن حنظلة وسار سراقة من أذربيجان. فلما وصل عبد الرحمن بن ربيعة في مقدمته على الباب والملك بها يومئذ من ولد شهريار الذي أفسد بني إسرائيل وأغزى الشام منهم. فكاتبه منهم شهريار واستأمنه على أن يأتي فحضر وطلب الصلح والموادعة على أن تكون جزيته النصر والطاعة للمسلمين. قال: ولا تسومون الجزية فتوهنونا لعدوكم فسيره عبد الرحمن إلى سراقة فقبل منه وقال: لا بد من الجزية على من يقيم ولا يحارب العدو فأجابوا وكتبوا إلى عمر فأجاز ذلك. M0 ح موقان وجبال أرمينية ولما فرغ سراقة من الباب بعث أمراء إلى ما يليه من الجبال المحيطة بأرمينية فأرسل بكير بن عبد الله إلى موقان وحبيب بن مسلمة إلى تفليس وحذيفة بن اليمان إلى جبال اللات وسلمان بن ربيعة إلى الوجه الآخر. وكتب بالخبر إلى عمر فلم يرج تمام ذلك لأنه فرج عظيم. ثم بلغه موت سراقة واستخلف عبد الرحمن بن ربيعة فأقره عمر على فرج الباب وأمره بغزو الترك ولم يفتح أحد من أولئك الأمراء إلا بكير بن عبد الله فإنه فتح موقان ثم تراجعوا على الجزية ديناراً عن كل حالم. ولما أمر عبد الرحمن بن ربيعة بغزو الترك سار حتى جاء الباب وسار معه شهريار فغزا بلنجر وهم قوم من الترك ففروا منه وتحصنوا وبلغت خيله على مائتي فرسخ من بلنجر. وعاد بالظفر والغنائم ولم يزل يردد الغزو فيهم إلى أيام عثمان فتذامر الترك وكانوا يعتقدون أن المسلمين لا يقتلون لأن الملائكة معهم تمنعهم فأصابوا في هذه الغزاة رجلأ من المسلمين على غرة فقتلوه وتجاسروا وقاتل عبد الرحمن فقتل وانكشف أصحابه وأخذ الراية أخوة سلمان. فخرج بالناس ومعه أبو هريرة الدوسي فسلكوا على جيلان إلى جرجان. فتح خراسان ولما عقدت الألوية للأمراء للإنسياح في بلاد فارس كان الأحنف بن قيس منهم بخراسان. وقد تقدم أن يزدجر سار بعد جلولاء إلى الري وبها أبان جادويه من مرازبته فأكرهه على خاتمة. وكتب الضحاك بما اقترح من ذخائر يزدجرد وختم عليها وبعثها إلى سعد فردها عليه على حكم الصلح الذي عقد له. ثم سار يزدجرد والناس معه إلى أصبهان ثم إلى كرمان ثم رجع إلى مرو من خراسان فنزلها وأمن من العرب. وكاتب الهرمزان وأهل فارس بالأهواز والفيرزان وأهل الجبال فنكثوا جميعاً وهزمهم الله وخذلهم وأذن عمر للمسلمين بالإنسياح في بلادهم. وأمر الأمراء كما قدمناه وعقد لهم الأولوية فسار الأحنف إلى خراسان سنة ثماني عشرة وقيل اثنين وعشرين. فدخلها من الطبسين وافتتح هراة عنوة واستخلف عليها صحار بن فلال العبدي. ثم سار إلى مرو الشاهجان وأرسل إلى نيسابور مطرف بن عبد الله بن الشخير وإلى سرخس الحرث بن حسان. ودرج يزدجرد من مرو الشاهجان إلى مرو الروذ فملكها الأحنف ولحقه مدد أهل الكوفة هنالك. فسار إلى مرو الروذ واستخلف على الشاهجان حارثة بن النعمان الباهلي. وجعل مدد الكوفة في مقدمته فالتقوا هم ويزدجرد على بلخ فهزموه وعبر النهر فلحقهم الأحنف وقد فتح الله عليهم ودخل أهل خراسان في الصلح ما بين نيسابور وطخارستان. وولى على طخارستان ربعي بن عامر وعاد إلى مرو الروذ فنزلها وكتب إلى عمر بالفتح فكتب إليه أن يقتصر على ما ودون النهر. وكان يزدجرد وهو بمرو الروذ قد استنجد ملوك الأمم وكتب إلى ملك الصين وإلى خاقان ملك الترك وإلى ملك الصغد. فلما عبر يزدجرد النهر منهزماً أنجده خاقان في الترك وأهل فرغانة والصغد. فرجع يزدجرد وخاقان إلى خراسان فنزلا بلخ واجتمع المسلمون إلى الأحنف بمرو الروذ ونزل المشركون عليه. ثم رحل ونزل سفح الجبل في عشرين ألفاً من أهل البصرة وأهل الكزفة وتحصن العسكران بالخنادق وأقاموا يقاتلون أياماً. وصحبهم الأحنف ليلة وقد خرج فارس من الترك يضرب بطبلة ويتلوه اثنان كذلك. ثم يخرج العسكر بعدهم عادة لهم فقتل الأحنف الأول ثم الثاني ثم الثالث فلما مر بهم خاقان تشاءم وتطير ورجع أدراجه فارتحل وعاد إلى بلخ. وبلغ الخبر إلى يزدجرد وكان على مرو الشاهجان محاصراً لحارثة بن النعمان ومن معه. فجمع خزائنه وأجمع اللحاق بخاقان على بلخ فمنعه أهل فارس وحملوه على صلح المسلمين والركون إليهم وإنهم أوفى ذمة من الترك فأبى من ذلك وقاتلهم فهزموه واستولوا على الخزائن. ولحق بخاقان وعبروا النهر إلى فرغانة وأقام يزدجرد ببلد الترك أيام عمر كلها إلى أن كفر أهل خراسان أيام عثمان. ثم جاء أهل فارس إلى الأحنف ودفعوا إليه الخزائن والأموال وصالحوه واغتبطوا بملكة المسلمين وقسم الأحنف الغنائم فأصاب الفارس ما أصابه يوم القادسية. ثم نزل الأحنف بلخ وأنزل أهل الكوفة في كورها الأربع ورجع إلى مرو الروذ فنزلها وكتب بالفتح إلى عمر. وكان يزدجرد لما عبر النهر لقي رسوله الذي بعثه إلى ملك الصين رده إليه يسأله أن يعيف له المسلمين الذين فعلوا به هذه الأفاعيل مع قلة عددهم. ويسأل عن وفائهم ودعوتهم وطاعة أمرائهم ووقوفهم عند الحدود ومآكلهم وشرابهم وملابسهم ومراكبهم فكتب إليه بذلك كله. وكتب إليه ملك الصين أن يسالمهم فإنهم لا يقوم لهم شيء بما قام نردبل فأقام يزدجرد بفرغانة بعهد من خاقان. ولما وصل الخبر إلى عمر خطب الناس وقال: ألا وإن ملك المجوسية قد ذهب فليسوا يملكون من بلادهم شبراً يضر بمسلم ألا وإن الله قد أورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وابناءهم لينظر كيف تعملون فلا تبدلوا فيستبدل الله بكم غيركم. فإني لا أخاف على هذه الأمة إلا أن تؤتى من قبلكم. فتوح فارس ولما خرج الأمراء الذين توجهوا إلى فارس من البصرة افترقوا وسار كل أمير إلى جهته وبلغ ذلك أهل فارس فافترقوا إلى بلدانهم وكانت تلك هزيمتهم وشتاتهم. وقصد مجاشع بن مسعود من الأمراء سابور وأردشيرخرت فاعترضه الفرس دونهما بتوج فقتلهم وأثخن فيهم. وافتتح توج واستباحها وصالحهم على الجزية وأرسل بالفتح والأخماس إلى عمر سفكانت واقعة توج هذه ثانيه لواقعة العلاء بن الحضرمي عليهم أيام طاوس. ثم دعوا إلى الجزية فرجعوا فأقروا بها. اصطخر: وقصد عثمان بن أبي العاص اصطخر فزحفوا إليه بجور فهزمهم وأثخن فيهم وفتح جور واصطخر ووضع عليهم الجزية وأجابه الهربذ إليها. وكان ناس منهم فروا فتراجعوا إليها وبعث بالفتح والخمس إلى عمر. ثم فتح كازرون والنوبندجان وغلب على أرضها ولحق به أبو موسى فافتتح مدينة شيراز وأزجان على الجزية والخراج وقصد عثمان جينا ففتحها ولقي الفرس هنالك بناحية جهرم فهزمهم وفتحها. ثم نقض شهرك في أول خلافة عثمان فبعث عثمان بن أبي العاص ابنه وأخاه الحكم وأتته الأمداد من البصرة عليهم عبيد الله بن معمر وشبل بن معبد والتقوا بأرض فارس فانهزم شهرك وقتله الحكم بن أبي العاص وقيل سوار بن همام العبدي. وقيل أن ابن شهرك حمل على سوار فقتله. ويقال أن اصطخر كانت سنة ثماني وعشرين وقيل تسع وعشرين. وقيل إن عثمان بن أبي العاص أرسل أخاه الحكم من البحرين إلى فارس في ألفين فسار إلى توج وعلى مجنبتيه الجارود وأبو صفرة والد المهلب وكان كسرى أرسل شهرك في الجنود للقائهم فالتقوا بتوج وهزمهم إلى سابور وقتل شهرك وحاصروا مدينة سابور حتى صالح عليها ملكها واستعانوا به على قتال اصطخر. ثم مات عمر رضي الله عنه وبعث عثمان بن عفان عبيد الله بن معمر مكان عثمان بن أبي العاص وأقام محاصرأ اصطخر وأراد هلك سابور الغدر به. ثم أحضر وأصابت عبيد الله حجارة منجنيق فمات بها. ثم فتحوا بسا ودارا بجرد: وقصد سارية بن زنيم الكناني من أمراء الانسياح مدينة بسا ودارا بجرد فحاصرهم. ثم استجاشوا بأكراد فارس واقتتلوا بصحراء. وقام عمر على المنبر ونادى: يا سارية الجبل! يشير إلى جبل كان إزاءه أن يستند إليه. فسمع ذلك سارية ولجأ إليه. ثم انهزم المشركون وأصاب المسلمون مغانمهم وكان فيها صفت جوهر فاستوهبه سارية من الناس وبعث به مع الفتح إلى عمر. ولما قدم به الرسول سأله عمر فأخبره عن كل شيء ودفع إليه السفط فأبى إلا أن يقسم على الجند فرجع به وقسمه سارية. كرمان: وقصد سهيل بن عدي من أمراء الانسياح كرمان ولحق به عبد الله بن عبد الله بن عتبان وحشد أهل كرمان واستعانوا بالقفص وقاتلوا المسلمين في أدنى أرضهم فهزموهم بإذن الله. وأخذ المسلمون عليهم الطريق بل الطرق. ودخل البشير بن عمرو العجلي إلى جيرفت وقتل في طريقه مرزبان كرمان وعبد الله بن عبد الله من مفازة شير وأصابوا ما أرادوا من إبل وشاء. وقيل: إن الذي فتح كرمان عبد الله بن بديل بل ورقاء الخزاعي ثم أتى الطبسين من كرمان. ثم قدم على عمر وقال اقطعني الطبسين فأراد أن يفعل فقال إنهما رستاقان فامتنع. سجستان: وقصد عاصم بن عمرو من الأمراء سجستان ولحق به عبد الله بن عمير وقاتلوا أهل سجستان في أدنى أرضهم فهزموهم وحصروهم بزرنج ومخروا أرض سجستان. ثم طلبوا الصلح على مدينتهم وأرضها. على أن الفرات حمى ويسقي أهل سجستان على الخراج. وكان أعظم من خراسان وأبعد فروجأ يقاتلون القندهار والترك وأمماً أخرى. فلما كان زمن معاوية هرب الشاه من أخيه زنبيل ملك الترك إلى بلد من سجستان يدعى آمل وكان على سجستان سلم بن زياد بن أبي سفيان فعقد له وانزله آمل وكتب إلى معاوية بذلك فأقره بغير نكير. وقال: إن هؤلاء قوم غدر وأهون ما يجيء منهم إذا وقع اضطرب أن يغلبوا على بلاد آمل بأسرها فكان كذلك. وكفر الشاه بعد معاوية وغلب على بلاد آمل واعتصم منه زنبيل بمكانه. وطمع هو في زربخ فحاصرها حتى جاءت الأمداد من البصرة فاجلفوا عنها. مكران: وقصد الحكم بن عمرو التغلبي من أمراء الانسياح بلد مكران ولحق بها شهاب بن المخارق وجاءه سهيل بن عدي وعبد الله بن عبد الله بن عتبان وانتهوا جميعاً إلى دوين وأهل مكران على شاطئيه وقد أمدهم أهل السند بجيش كثيف ولقيهم المسلمون فهزموهم واثخنوا فيهم بالقتل واتبعوهم أياماً حتى انتهوا إلى النهر ورجعوا إلى مكران فأقاموا بها وبعثوا إلى عمر بالفتح والأخماس مع صحار العبدي وسأله عمر عن البلاد فأثنى عليها شراً فقال: والله لا يغزوها جيش لي أبدأ. وكتب إلى سهيل والحكم أن لا يجوز مكران أحد من جنودكما. كان أمر أمراء الانسياح لما فصلوا إلى النواحي حتى اجتمع ببيروذ بين نهر تيري ومنادر من أهل الأهواز جموع من الأعاجم أعظمهم الأكراد وكان عمر قد عهد إلى أبي موسى أن يسير إلى أقصى تخوم البصرة رداً للأمراء المنساحين. فجاء إلى بيروذ وقاتل تلك الجموع قتالاً شديدأ وقتل المهاجر بن زياد. ثم وهن الله المشركين فتحصنوا منه في قلة وذلة. فاستخلف أبو موسى عليهم أخاه الربيع بن زياد وسار إلى أصبهان مع المسلمين الذين يحاصرونها حتى إذا فتحت رجع إلى البصرة. وفتح الربيع بن زياد بيروذ وغنم ما فيها ولحق به بالبصرة وبعثوا إلى عمر بالفتح والأخماس. وأراد ضبة بن محصن العنزي أن يكون في الوفد فلم يجبه أبو موسى فغضب وانطلق شاكياً إلى عمر بانتقائه ستين غلاماً من أبناء الدهاقين لنفسه وأنه أجاز الخطيئة بألف. وولى زياد بن أبي سفيان أمور البصرة واعتذر أبو موسى وقبله عمر. وكان عمر قد اجتمع إليه جيش من المسلمين فبعث عليهم سلمة بن قيس الأشجعي ودفعهم إلى الجهاد على عادته وأوصاهم. فلقوا عدواً من الأكراد المشركين فدعوهم إلى الإسلام أو الجزية فأبوا وقاتلوهم وهزموهم وقتلوا وسبوا وقسموا الغنائم ورأى سلمة جوهراً في سفط فاسترضى المسلمين وبعث به إلى عمر فسأل الرسول عن أمور الناس حتى أخبره بالسفط فغضب وأمر به فوجىء في عنقه وقال: أسرع قبل أن تفترق الناس ليقسمه سلمة فيهم فباعه سلمة وقسمه في الناس وكان الفص يباع بخمسة دراهم وقيمته عشرون ألفأ. مقتل عمر وأمر الشورى وبيعة عثمان رضي الله عنه كان للمغيرة بن شعبة مولى من نصارى العجم اسمه أبو لؤلؤة وكان يشدد عليه في الخراج. فلقي يوماً عمر في السوق فشكا إليه وقال: أعدني على المغيرة فإنه يثقل علي في الخراج درهمين في كل يوم. قال وما صناعتك قال: نجار حداد نقاش. فقال ليس ذلك بكثير على هذه الصنائع. وقد بلغني أنك تقول أصنع رحى تطحن بالريح فاصنع لي رحى. قال أصنع لك رحى يتحدث الناس بها أهل المشرق والمغرب. وانصرف فقال عمر: توعدني العلج فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة واستوت الصفوف ودخل أبو لؤلؤة في الناس وبيده خنجر برأسين نصابه في وسطه فضرب عمر ست ضربات إحداهما تحت سرته. وقتل كليباً بن أبي البكير الليثي وسقط عمر فاستخلف عبد الرحمن بن عوف على الصلاة. واحتمل إلى بيته. ثم دعا عبد الرحمن وقال أريد أن أعهد إليك! قال فتشير علي بها. قال لا! قال والله لا أفعل. قال فهبني صمتاً حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. ثم دعا عليا وعثمان والزبير وسعداً وعبد الرحمن معهم وقال انتظروا طلحة ثلاثاً فإن جاء وإلا فاقضوا أمركم. وناشد الله من يفضي إليه الأمر منهم أن يحمل أقاربه على رقاب الناس وأوصاهم بالأنصار الذين تبوأوا الدار والإيمان أن يحسن إلى محسنهم ويعفوا عن مسيئهم وأوصى بالعرب فإنهم مادة الإسلام أن تؤخذ صدقاتهم فتوضع في فقرائهم. وأوصى بذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم ثم قال: اللهم قد بلغت لقد تركت الخليفة من بعدي على أنقى من الراحة. ثم دعا أبا طليحة الأنصاري فقال: قم على باب هؤلاء ولا تدع أحداً يدخل إليهم حتى يقضوا أمرهم. ثم قال يا عبد الله بن عمر أخرج فانظر من قتلني قال يا أمير المؤمنين قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة. قال الحمد لله الذي يجعل منيتي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة. ثم بعث إلى عائشة يستأذنها في دفنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فأذنت له. ثم قال يا عبد الله إن اختلف القوم فكن مع الأكثر فإن تساووا فكن مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف. ثم أذن للناس فدخل المهاجرون والأنصار فقال لهم: أهذا عن ملأ منكم فقالوا معاذ الله! وجاء علي وابن عباس فقعدا عند رأسه. وجاء الطبيب فسقاه نبيذاً فخرج متغيراً ثم لبناً فخرج كذلك. فقال له إعهد! قال قد فعلت! ولم يزل يذكر الله إلى أن توفي ليلة الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين. وصلى عليه صهيب وذلك لعشر سنين وستة أشهر من خلافته. وجاء أبو طلحة الأنصاري ومعه المقداد بن الأسود. وقد كان أمرهما عمر أن يجمعا هؤلاء الرهط الستة في مكان ويلزماهم أن يقدموا للناس من يختاروه منهم وإن اختلفوا كان الاتباع للأكثر وإن تساووا حكموا عبد الله بن عمر أو اتبعوا عبد الرحمن بن عوف. ويؤجلهم في ذلك ثلاثاً يصلي فيها بالناس صهيب ويحضر عبد لله بن عمر معهم مشيراً ليس له شيء من الأمر وطلحة شريكهم إن قدم في الثلاث ليال. فجمهم أبو طلحة والمقداد في بيت المسور بن مخرمة وقيل في بيت عائشة. وجاء عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة فجلسا بالباب فحصبهما سعد وأقامهما وقال تريدان أن تقولا حضرنا وكنا في أهل الشورى. ثم دار بينهم الكلام وتنافسوا في الأمر فقال عبد الرحمن أيكم يخرج منها نفسه ويجتهد فيوليها أفضلكم وأنا أفعل ذلك. فرضي القوم وسكت علي. فقال: ما تقول على شريطة أن تؤثر الحق ولا تتبع الهوى ولا تخص ذا رحم ولا تألو الأمة نصحاً وتعطينا العهد بذلك. قال وتعطوني أنتم مواثيقكم على أن تكونوا معي على من خالف وترضوا من اخترت. وتواثقوا ثم قال لعلي: أنت تقول إنك أحق ممن حضر بقرابتك وسوابقك وحسن أثرك في الدين ولم تبعد في نفسك فمن ترى أحق فيه بعدك من هؤلاء قال عثمان! وخلا بعثمان فقال له مثل ذلك فقال علي. ودار عبد الرحمن لياليه كلها يلقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يوافي المدينة من أمراء الأجناد وأشراف الناس ويشيرهم إلى صبيحة الرابع. فأتى منزل المسرور بن مخرمة وخلا فيه بالزبير وسعد أن يتركا الأمر لعلي أو عثمان. فاتفقا على علي. ثم قال له سعد: بايع لنفسك وأرحنا فقال: قد خلعت لهم نفسي على أن أختار ولم أفعل ما أردتها. ثم استدعى عبد الرحمن علياً وعثمان فناجى كلاً منهما إلى أن رضوا بل إلى أن صلوا الصبح ولا يعلم أحد ما قالوا. ثم جمع المهاجرين وأهل السابقة من الأنصار وأمراء الأجناد حتى غص المسجد بهم فقال: أشيروا علي! فأشار عمار بعلي ووافقه المقداد. فقال ابن سرح: إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان ووافقه عبد الله بن أبي ربيعة فتفاوضا وتشاتما ونادى سعد: يا عبد الرحمن أفرغ قبل أن يفتتن الناس. فقال نظرت وشاورت فلا تجعلن أيها الرهط على أنفسكم سبيلاً. ثم قال لعلي: عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده قال: أرجو أن اجتهد بل أن أفعل بمبلغ علمي وطاقتي. وقال لعثمان مثل ذلك فقال نعم! فرفع رأسه إلى المسجد ويده في يد عثمان وقال: اللهم اشهد أني قد جعلت ما في عنقي من ذلك في عنق عثمان فبايعه الناس. ثم قدم طلحة في ذلك اليوم فأتى عثمان فقال له عثمان: أنت على الخيار في الأمر وإن أبيت رددتها فقال: أكل الناس بايعوك قال نعم! قال: رضيت ولا أرغب عما أجمع عليه. وكانت العجم بالمدينة يستروح بعضها إلى بعض ومر أبو لؤلؤة بالهرمزان وبيده الخنجر الذي طعن به عمر فتناوله من يده وأطال النظر فيه ثم رده إليه. ومعهم جفينة نصراني من أهل الحيرة. فلما طعن عمر من الغداة قال عبد الرحمن بن أبي بكرة لعبيد الله بن عمر: إني رأيت هؤلاء الثلاثة يتناجون فلما رأوني افترقوا وسقط منهم هذا الخنجر. فعدا عبيد الله عليهم فقتلهم ثلاثتهم. وأمسكهم سعد بن أبي وقاص وجاء به إلى عثمان بعد البيعة وهو في المسجد فأشار علي بقتله. وقال عمرو بن العاص لا يقتل عمر بالأمس ويقتل ابنه اليوم. فجعلها عثمان ديةً واحتملها وقال: أنا وليه. ثم قام عثمان وصعد المنبر وبايعه الناس كافة. وولى لوقته سعد بن أبي وقاص على الكوفة وعزل المغيرة وذلك بوصية عمر لأنه أوصى بتوليه سعد وقال لم أعزله عن سوء ولا خيانة منه وقيل إنما ولاه وعزل المغيرة بعد سنة وإنما أقر لأول أمره عمال عمر كلهم. نقض أهل الاسكندرية وفتحها لما سار هرقل إلى القسطنطينية وفارق الشام واستولى المسلمون على الإسكندرية وبقي الروم بها تحت أيديهم فاتبعوا هرقل فاستنجدوه فبعث إليهم عسكراً مع منويل الخصي ونزلوا بساحل الاسكندرية لمنعهم المقوقس من الدخول إليه فساروا إلى مصر ولقيهم عمرو بن العاص والمسلمون فهزموهم واتبعوهم إلى الإسكندرية. وأثخنوا فيهم بالقتل وقتل قائدهم منويل الخصي وكانوا قد أخذوا في مسيرهم إلى مصر أموال أهل القرى فردها عمرو عليهم بالبينة ثم هدم سور الإسكندرية ورجع إلى مصر. ولاية الوليد بن عقبة الكوفة وصلح أرمينيا وأذربيجان وفي سنة خمس وعشرين عزل عثمان سعداً عن الكوفة لأنه كان اقترض من عبد الله بن مسعود من بيت المال قرضاً وتقاضاه ابن مسعود فلم يوسر سعد فتلاحيا وتناجيا بالقبيح وافترقا يتلاومان وتداخلت بينهما العصبية وبلغ الخبر عثمان فعزل سعداً واستدعى الوليد بن عقبة من الجزيرة وكان على غربها منذ ولاه عمر فولاه عثمان على الكوفة فكان مكان سعد. ثم عزل عتبة بن فرقد عن أذربيجان فنقضوا فغزاهم الوليد وعلى مقدمته عبد الله بن شبيل الأحمسي فأغار على أهل موقان والبرزند والطيلسان ففتح وغنم وسبى. وطلب أهل كور أذربيجان الصلح فصالحهم على صلح حذيفة ثمانمائة درهم وقبض المال. في بث سراياه وبعث سلمان بن ربيعة الباهلي إلى أهل أرمينية في إثني عشر ألفا. فسار فيها وأثخن ثم انصرف إلى الوليد وعاد الوليد إلى الكوفة وجعل طريقه على الموصل. فلقيه كتاب عثمان بأن الروم أجلبوا على معاوية بالشام فابعث إليه رجلاً من أهل النجدة والبأس في عشرة آلاف عند قراءة الكتاب. فبعث الوليد الناس مع سلمان بن ربيعة ثمانية آلاف ومضوا إلى الشام ودخلوا أرض الروم مع حبيب بن مسلمة فشنوا عليه الغارات وافتتحوا الحصون. وقيل: إن الذي أمد حبيب بن مسلمة بسلمان بن ربيعة هو سعيد بن العاص. وذلك أن عثمان كتب إلى معاوية أن يغزي حبيب بن مسلمة في أهل الشام أرمينية فبعثه وحاصر قاليقلا حتى نزلوا على الجلاء أو الجزية فجلا كثيراً إلى بلاد الروم وأقام فيها فيمن معه أشهراً. ثم بلغه أن بطريك أرميناقس وهي بلاد ملطية وسيواس وقونية إلى خليج قسطنطييية قد زحف إليه في ثمانين ألفاً فاستنجد معاوية فكتب إلى عثمان فأمر سعيد بن العاص بإمداد حبيب فأمده بسلمان في ستة آلاف وبيت الروم فهزمهم وعاد إلى قاليقلا. ثم سار في البلاد فجاء بطريك خلاط وبيده أمان عياض بن غنم وحمل ما عليهم من المال. فنزل حبيب خلاط ثم سار منها فصالحه صاحب السيرجان ثم صاحب أردستان ثم صالح أهل دبيل بعد الحصار ثم أهل بلاد السيرجان كلهم. ثم أتى أهل شميشاط فحاربوه فهزمهم وغلب على حصونهم. ثم صالحه بطريك خرزان على بلاده وسار إلى تفليس فصالحوه وفتح عدة حصون ومدن تجاورها. وسار ابن ربيعة الباهلي إلى أران فصالح أهل البيلقان على الجزية والخراج. ثم أهل بردعة كذلك وقراها. وقاتل أكراد البوشنجان وظفر بهم وصالح بعضهم على الجزية وفتح مدينة شمكور وهي التي سميت بعد ذلك المتوكلية وسار سلمان حتى فتح فلية وصالحه صاحب كسكر على الجزية وملكوا شروان وسائر ملوك الجبال إلى مدينة الباب وانصرفوا. ثم غزا معاوية الروم وبلغ عمورية ووجد ما بين إنطاكية وطرسوس من الحصون خالياً فجمع فيها العساكر حتى رجع وخربها. وفي سنة ست وعشرين عزل عثمان عمرو بن العاص عن خراج مصر واستعمل مكانه عبد الله بن أبي سرح أخاه من الرضاعة فكتب إلى عثمان يشكو عمراً فاستقدمه واستقل عبد الله بالخراج والحرب وأمره بغزو أفريقية. وقد كان عمرو بن العاص سنة إحدى وعشرين سار من مصر إلى برقة فصالح أهلها على الجزية ثم سار إلى طرابلس فحاصرها شهراً وكانت مكشوفة السور من جانب البحر وسفن الروم في مرساها. فحصر القوم في بعض الأيام وانكشف أمرها لبعض المسلمين المحاصرين فاقتحموا البلد بين البحر والبيوت فلم يكن للروم ملجأ إلا سفنهم. وارتفع الصياح فأقبل عمرو بعساكره فدخل البلد ولم تفلت الروم إلا بما خف في المراكب. ورجع إلى مدينة صبرة وقد كانوا قد آمنوا بمنعة طرابلس فصبحهم المسلمون ودخلوها عنوة. وكمل الفتح ورجع عمرو إلى برقة فصالحه أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار جزية وكان أكثر أهل برقة لواتة وكان يقال أن البربر ساروا بعد قتل ملكهم جالوت إلى المغرب وانتهوا إلى لوبيا ومراقية كورتان من كور مصر. فصارت زتاتة ومغيلة من البربر إلى المغرب فسكنوا الجبال وسكنت لوتة برقة وتعرف قديماً إنطابلس. وانتشروا إلى السوس ونزلت هوارة مدينة لبدة ونزلت نفوسة مدينة صبرة وجلوا من كان هنالك من الروم. وأقام الأفارق وهم خدم الروم وبقيتهم على صلح يؤدونه إلى من غلب عليهم إلى أن كان صلح عمرو بن العاص. ثم إن عبد الله بن أبي سرح كان أمره عثمان بغزو إفريقية سنة خمس وعشرين. وقال له: إن فتح الله عليك فلك خمس الخمس من الغنائم وأمر عقبة بن نافع عبد القيس على جند وعبد الله بن نافع بن الحرث على آخر وسرحهما فخرجوا إلى إفريقية في عشرة آلاف وصالحهم أهلها على مال يؤدونه ولم يقدروا على التوغل فيها لكثرة أهلها. ثم لما ولي عبد الله بن أبي سرح استأذن عثمان في ذلك واستمده فاستشار عثمان الصحابة فأشاروا به فجهز العساكر من المدينة وفيهم جماعة من الصحابة هم ابن عباس وابن عمر وابن عمرو بن العاص وابن جعفر والحسن والحسين وابن الزبير وساروا مع عبد الله بن أبي سرح سنة ست وعشرين. ولقيهم عقبة بن نافع من معه من المسلمين ببرقة ثم ساروا إلى طرابلس فنهبوا الروم عندها. ثم ساروا إلى إفريقية وبثوا السرايا في كل ناحية وكان ملكهم جرير يملك ما بين طرابلس وطنجة تحت ولاية هرقل ويحمل إليه الخراج. فلما بلغه الخبر جمع مئة وعشرين ألفاً من العساكر ولقيهم على يوم وليلة من سبيطلة دار ملكهم وأقاموا يقتتلون ودعوه إلى الإسلام أو الجزية. فاستكبر ولحقهم عبد الرحمن بن الزبير مدداً بعثه عثمان لما أبطأت أخبارهم. وسمع جرجير بوصول المدد ففت في عضده وشهد ابن الزبير معهم القتال وقد غاب ابن أبي سرح وسأل عنه فقيل: إنه سمع منادي جرجير يقول: من قتل ابن أبي سرح فله مئة ألف دينار وأزوجه ابنتي فخاف وتأخر عن شهود القتال. فقال له ابن الزبير تنادي أنت بأن من قتل جرجير نفلته مئة ألف وزوجته ابنته واستعملته على بلاده فخاف جرجير أشد منه. ثم قال عبد الله بن الزبير لابن أبي سرح أن يترك جماعة من أبطال المسلمين المشاهير متأهبين للحرب ويقاتلوا الروم بباقي العسكر إلى أن يضجروا فركب عليهم في الآخرين على غرة فلعل الله ينصرنا عليهم. ووافق على ذلك أعيان أصحابه ففعلوا ذلك روكبوا من الغد إلى الزوال وألحوا عليهم حتى اتبعوهم ثم افترقوا. وأركب عبد الله الفريق الذين كانوا مستريحين فكبروا وحملوا حملة رجل واحد حتى غشوا الروم في خيامهم فانهزموا وقتل كثير منهم وقتل ابن الزبير جرجير وأخذت ابنته سبية فنفلها ابن الزبير وحاصر ابن أبي سرح سبيطلة ففتحها. وكان سهم الفارس فيها ثلاثة آلاف دينار وسهم الراجل ألف. وبث جيوشه في البلاد إلى قفصة فسبوا وغنموا. وبعث عسكر إلى حصن الأجم وقد اجتمع به أهل البلاد فحاصره وفتحه على الأمان. ثم صالحه أهل إفريقية على ألفي ألف وخمسمئة ألف دينار. وأرسل ابن الزبير بالفتح والخمس فاشتراه مروان بن الحكم بخمسمئة ألف دينار وبعض الناس يقول أعطاه إياه ولا يصح وإنما أعطى ابن أبي سرح خمس الخمس من الغزوة الأولى. ثم رجع عبد الله بن أبي سرح إلى مصر ولما بلغ هرقل أن أهل أفريقية صالحوه بذلك المال الذي أعطوه غضب عليهم وبعث بطريقاً يأخذ منهم مثل ذلك فنزل قرطاجنة وأخبرهم بما جاء له فأبوا وقالوا: قد كان ينبغي أن يساعدنا مما نزل بنا. فقاتلهم البطريك وهزمهم وطرد الملك الذي ولوه بعد جرجير فلحق بالشام. وقد اجتمع الناس على معاوية بعد علي رضي الله عنه فاستجاشه على إفريقية فبعث معه معاوية بن حديج السكوني في عسكر فلما وصل الإسكندرية وهلك الرومي ومضى ابن حديج في العساكر فنزل قونية وتسرح إليه البطريق ثلاثين ألف مقاتل وقاتلهم معاوية فهزمهم معاوية وحاصر حصن جلولاء فامتنع معه حتى سقط ذات سوره فملكه المسلمون وغنموا ما فيه. ثم بث السرايا ودوخ البلاد فأطاعوا وعاد إلى مصر. ولما أصاب ابن أبي سرح من إفريقية ما أصاب ورجع إلى مصر خرج قسطنطين بن هرقل غازياً إلى الإسكندرية في ستمائة مركب وركب المسلمون البحر مع ابن أبي سرح ومعه معاوية في أهل الشام. فلما تراءى الجمعان أرسوا جميعأ وباتوا على أمان والمسلمون يقرأون ويصلون. ثم قرنوا سفنهم عند الصباح واقتتلوا ونزل الصبر واستحر القتل. ثم انهزم قسطنطين جريحاً في فل قليل من الروم وأقام ابن أبي سرح بالموضع أياماً ثم قفل وسمى المكان ذات الصواري والغزوة كذلك لكثرة ما كان بها من الصواري. وكانت هذه الغزاة سنة إحدى وثلاثين وقيل أربعة وثلاثين. وسار قسطنطين إلى صقلية وعرفهم خبر الهزيمة فنكروه وقتلوه في الحمام.
|